كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن عربي‏:‏ إذا رأى أحد رؤيا فصاحبها له فيما رآه حظ من خير أو شر بحسب قضية رؤياه ويكون في ناموس الوقت أما في الصورة المرئية فيصور اللّه ذلك الحظ طائراً وهو ملك في صورة طائر لأنه يقال طار له سهمه بكذا والطائر الحظ ويجعل الرؤيا معلقة برجل هذا الطائر وهي عين الطائر ولما كان الطائر إذا اقتض صيداً من الأرض إنما يأخذه برجله لأنه لا يد له وجناحه لا يمكنه الأخذ به فلذلك علق الرؤيا برجله فهي متعلقة وهي عين الطائر فإذا عبرت سقطت لما عبرت له وعند سقوطها ينعدم الطائر لكونه عينها وتتصور في عالم الحس بحسب الحال التي تخرج عليه تلك الرؤيا فترجع صورة الرؤيا عين الحال فتلك الحال إما عرض أو جوهر أو نسبة من ولاية أو غيرها هي عين صورة تلك الرؤيا وذلك الطائر ومنه خلقت هذه الحالة سواء كان جسماً أو عرضاً أو نسبة أعني تلك الصورة كما خلق آدم من تراب ونحن من ماء مهين حتى إذا دلت الرؤيا على وجود ولد فالولد خلق في تلك الرؤيا في صلب أبيه فإن لم يتقدم للولد رؤيا فهو على نشأته كسائر الأولاد فاعلمه فإنه سر عجيب وكشف صحيح ووله الرؤيا يتميز عن غيره بكونه أقرب للروحانية وانظر في رؤيا آمنة أم نبينا صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم يبدو لك صحته وإن أردت تأنيساً له فانظر في علم الطبيعة إذا توجهت المرأة الحاملة على شيء جاء الولد يشبهه وإذا نظرت حال جماعها أو تخيل لرجل عند الوقاع صورة وأنزل الماء يكون الولد على صورتها ولذلك أمرت الحكماء بتصوير فضلاء الحكماء وأكابرهم في الأماكن بحيث تنظر تلك المرأة عند الجماع والرجل فتطبع في الخيال فتؤثر الطبيعة فتخرج تلك القوة‏.‏

- ‏(‏د ه عن أبي رزين‏)‏ العقيلي واسمه لقيط كما مر وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هذين وليس كذلك، فقد عزاه هو في الدرر كالزركشي إلى الترمذي أيضاً وقال‏:‏ صحيح وقال في الاقتراح‏:‏ إسناده على شرط مسلم‏.‏

4497 - ‏(‏الرؤيا ثلاثة منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم‏)‏ ولا حقيقة لها في نفس الأمر ‏(‏ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه‏)‏ قال القرطبي‏:‏ ويدخل فيه ما يلازمه في يقظته من الأعمال والعلوم والأقوال وما يقوله الأطباء من أن الرؤيا من خلط غالب على الرائي ‏(‏ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة‏)‏ قال الحكيم‏:‏ أصل الرؤيا حق جاء من عند الحق المبين يخبرنا عن أنباء الغيب وهي بشارة أو نذارة أو معاينة وكانت عامة أمور الأولين بها ثم ضعفت في هذه الأمة لعظيم ما جاء به النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من الوحي ولما فيها من التصديق وأهل الإلهام واليقين فاستغنوا بها عن الرؤيا والمؤمن محسود ولع به الشيطان لشدة عداوته فهو يكبده ويحزنه من كل وجه ويلبس عليه فإذا رأى رؤيا صادقة خلطها ليفسد عليه بشراه أو نذارته أو معاينته ونفسه دون الشيطان فيلبس عليه بما اهتم به في يقظته فهذان الصنفان ليسا من أنباء الغيب والصنف الثالث هي الرؤيا الصادقة التي هي من أجزاء النبوة‏.‏

- ‏(‏ه عن عوف بن مالك‏)‏ الأشجعي صحابي مشهور‏.‏

‏[‏ص 48‏]‏ 4498 - ‏(‏الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة‏)‏ أي جزاء من أجزاء علم النبوة والنبوة غير باقية وعلمها باق، فإن قيل‏:‏ فإذا كان جزءاً منها فكيف كان للكافر منها نصيب وهو غير موضع للنبوة، وقد ذكر جالينوس أنه عرض له ورم في المحل الذي يتصل منه بالحجاب فأمره اللّه بفصد العرق الضارب من كفه اليسرى ففعل فبرأ‏؟‏ فالجواب‏:‏ أن الكافر وإن لم يكن محلاً لها فليس كل مؤمن محلاً لها ثم لم يمتنع أن يرى المؤمن الذي لا يجوز كونه نبياً ما يعود عليه بخير في دنياه فلا يمتنع أن يرى الكافر مثله فالمرضي فيه أن الرؤيا وإن كانت جزءاً من النبوة فليست بانفرادها نبوة كما ليست كل شعبة من شعب الإيمان بانفرادها إيماناً ولا كل جزء من الصلاة بانفرادها صلاة‏.‏

- ‏(‏خ عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ‏(‏م عن ابن عمرو‏)‏ ابن العاص ‏(‏وعن أبي هريرة‏)‏ معاً ‏(‏حم ه عن أبي رزين‏)‏ العقيلي ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏ وفي الباب عن جمع كثيرين قال المصنف وهو متواتر‏.‏

4499 - ‏(‏الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءاً من النبوة‏)‏ مجازاً لا حقيقة لأن النبوة انقطعت بموته صلى اللّه عليه وسلم وجزء النبوة لا يكون نبوة كما أن جزء الصلاة ليس بصلاة نعم إن وقعت من النبي صلى اللّه عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة والجزء النصيب والقطعة من الشيء والجمع أجزاء‏.‏

- ‏(‏حم ه عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

4500 - ‏(‏الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة‏)‏ عبر بالنبوة دون الرسالة لأنها تزيد على النبوة بالتبليغ قال القاضي‏:‏ والرؤيا الصالحة إعلام وتنبيه من اللّه تعالى بتوسط الملك فلذلك عدها من أجزاء النبوة وتحقيقه أن النفوس البشرية خلقت بحيث لها بالذات تعلق واتصال بالملك الموكل على عالمنا هذا الموكول إليه تدبير أمره وهو المسمى في هذا الباب بملك الرؤيا لكنها ما دامت مستغرقة في أمر البدن وتدبير معاشها وتدبر أحوالها معوقة عن ذلك فإذا نام وحصل لها أدنى فراغ اتصلت بطباعها فينطبع فيها من المعاني والعلوم الحاصلة من مطالعة اللوح المحفوظ والإلهامات الفائضة عليه من جناب القدس ما هو أليق بها من أحوالها وأحوال ما يقرب من الأهل والولد والمال والتلد وغير ذلك فتحاكيه المتخيلة بصورة جزئية مناسبة إلى الحس المشترك فتنطبع فيه فتصير محسوسة مشاهدة ثم إن كانت تلك المناسبة ظاهرة كانت غنية عن التعبير وإلا افتقرت إليه وهو تحليل تلك المناسبة بالرجوع قهقرى إلى المعنى المتلقى من الملك فأما الرؤيا الكاذبة فسببها الأكثري تخيل فاسد تركبه المتخيلة بسبب أفكار فاسدة اتفقت لها حال اليقظة أو سوء مزاج أو امتلاء ونحو ذلك مما تلفته عن الحس المشترك وقد يكون بسبب استعراض الحس والتفاته إلى بعض المخزونات الخيالية المرتسمة في الخيال من مشاهدة المحسوسات حال اليقظة ولما كان للشيطان دخل في هذه الأقسام لتولدها من الاستغراق أمر البدن والانهماك في الشهوات والإعراض الكلي عن عالم الملكوت والاعتناء بأمره أضاف الحكم إلى الشيطان في الحديث المتقدم وذكر في هذا الحديث خمسة وعشرين وقبله سبعين وقبله ستة وأربعين وأشار الغزالي إلى أن الاختلاف يرجع إلى اختلاف درجات الرؤية والرائي قال‏:‏ ولا تظن أن تقدير النبي صلى اللّه عليه وسلم جرى على لسانه جزافاً واتفاقاً بل لا ينطق إلا بحقيقة الحق فإنه لا ينطق عن الهوى فهو تقدير تحقيق لكن ليس في قوة غيره معرفة علة ذلك النسبة إلا بتخمين إذ يعلم أن النبوة عبارة عما يختص به ‏[‏ص 49‏]‏ النبي صلى اللّه عليه وسلم ويفارق به غيره وهو يختص بأنواع من الخواص‏:‏ إحداها أنه يعرف حقائق الأمور المتعلقة باللّه وصفاته وملائكته والدار الآخرة علماً مخالفاً لعلم غيره بكثرة المعلومات وزيادة الكشف والتحقيق، والثاني أن له في نفسه صفة تتم له بها الأفعال الخارقة للعادة كما أن له صفة تتم بها الحركات المقرونة بإرادتنا وهي القدرة، الثالث أن له صفة بها يبصر الملائكة ويشاهدهم كما أن للبصير صفة يفارق بها الأعمى، الرابع أن له صفة بها يدرك ما سيكون في الغيب فهذه كمالات وصفات ينقسم كل منها إلى أربعة وخمسين وسبعين ويمكننا تكلف قسمتها إلى ستة وأربعين بحيث تقع الرؤيا جزءاً من جملتها لكن تعين طريق واحد للقسمة لا يمكن إلا بظن اهـ‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ يمكن الحواب عن اختلاف الأعداد بأنه بحسب الوقت الذي حدث فيه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بذلك كأن يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي إليه حدث بأن الرؤيا من ستة وعشرين إن ثبت الخبر به وذلك وقت الهجرة ولما أكمل عشرين حدث بأربعين واثنين وعشرين حدث بأربعة وأربعين ثم بخمسة وأربعين ثم بستة وأربعين في آخر حياته وما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين فضعيف ورواية الخمسين يحتمل جبر الكسر ورواية السبعين للمبالغة وما عدا ذلك لم يثبت وقد مر ذلك مبيناً‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

4501 - ‏(‏الرؤيا ستة‏:‏ المرأة خير والبعير حرب‏)‏ وفي رواية حزن ‏(‏واللبن فطرة‏)‏ أي يدل على السنة والعلم والقرآن لأنه أول شيء يناله المولود من طعام الدنيا وهو الذي يقوته ويفتق أمعاءه وبه تقوم حياته كما يقوم بالعلم حياة القلوب وقد يدل على الحياة لأنها كانت به في الصغر وقال ابن الدقاق‏:‏ اللبن يدل على ظهور الإسلام والعلم والتوحيد وهذا في اللبن الحليب‏:‏ أما الرايب فهمّ‏.‏ والمخيض أشد غلبة منه ولبن ما لا يؤكل حرام وديون وأمراض ومخاوف على قدر جوهر الحيوان، وقال بعضهم‏:‏ أراد باللبن هنا لبن الإبل والبقر والغنم ولبن الوحش شك في الدين ولبن السباع غير محمود، لكن لبن اللبؤة مال مع عداوة‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ لبن اللبؤة يدل على الظفر بالعدو، ولبن الكلب يدل على الخوف ولبن السنور والثعلب يدل على مرض ولبن النمر يدل على عداوة ‏(‏والخضرة جنة والسفينة نجاة والتمر رزق‏)‏ يعني أن هذه الأشياء إذا رؤيت في النوم تؤول بما ذكر‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ بعض الرؤيات لا يحتاج إلى تفسير وما فسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة وفيه أن أصل التعبير من الأنبياء وأنه توقيف لكن الوارد عنهم وإن كان أصلاً فلا يعم جميع المرائي فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسب نظره فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ويحكم له بحكم التشبيه الصحيح فيجعل أصلاً يلحق به غيره كما يفعل الفقيه في الفروع الفقهية وقال المسيحي الفيلسوف‏:‏ لكل علم أصول لا تتغير وأقيسة مطردة لا تضطرب إلا تعبير الرؤيا فإنها تختلف باختلاف أحوال الناس وهيئاتهم وصناعتهم ومراتبهم ومقاصدهم ومللهم ونحلهم وعاداتهم وينبغي كون المعبر مطلعاً على جميع العلوم عارفاً بالأديان والملل والنحل والمراسم والعادات بين الأمم عارفاً بالأمثال والنوادر ومأخذ اشتقاق الألفاظ فطناً ذكياً حسن الاستنباط خبيراً بعلم الفراسة وكيفية الاستدلال من الهيئات الخلقية على الصفات حافظاً للأمور التي تختلف باختلاف تعبير الرؤيا فمن أمثلة التعبير بحسب الاشتقاق أن رجلاً رأى أنه يأكل سفرجلاً فقال له المعبر‏:‏ تسافر سفراً عظيماً لأن أول جزء السفرجل سفر ورأى آخر أن رجلاً أعطاه غصن سوسن فقال‏:‏ يصيبك من المعطي سوء سنة لأن السوء يدل على الشدة والسنة اسم للعام التام لكن التعبير بحسب الاشتقاق للألفاظ العربية إنما هو للعرب وغيرهم إنما ينظر إلى اللفظ في لغتهم‏.‏

- ‏(‏ع في معجمه‏)‏ والديلمي من طريقه ‏(‏عن رجل من الصحابة‏)‏ من أهل الشام قال‏:‏ كنا جلوساً عند ابن عبد العزيز فجاء رجل من أهل الشام فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين ههنا رجل رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقام عمر وقمنا معه فقال‏:‏ أنت رأيت رسول اللّه قال‏:‏ نعم قال‏:‏ سمعته يقول فذكره‏.‏

‏[‏ص 50‏]‏ 4502 - ‏(‏الربا سبعون باباً والشرك مثل ذلك‏)‏ لأن كل من طفف في ميزانه فتطفيفه ربا بوجه من الوجوه فلذلك تعددت أبوابه وتكثرت أسبابه قال الحرالي‏:‏ وفي إشعار قرنه بذكر الشرك تهويل وتهديد شديد لمن علم حكمه وأصر عليه لأنه مرتبك في شرك الشرك قاطع نحوه عقبات ثلاث اثنتان منها انتهاك حرمة اللّه في عدم الانتهاء والاستهانة في العود إليه وانتهاك حرمة عباد اللّه فكان إثمه متكرراً مبالغاً فيه فبولغ في تهديده لذلك فقد أذن اللّه في القرآن بأن الربا والإيمان لا يجتمعان حيث قال‏:‏ ‏{‏ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين‏}‏ وأكثر بلايا هذه الأمة حين أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين‏:‏ من عمل الربا‏.‏

قال الغزالي‏:‏ كل من عامل بالربا فقد كفر النعمة وظلم لأن النقد وسيلة لغيره لا لعينه‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏‏.‏

4503 - ‏(‏الربا ثلاثة وسبعون باباً‏)‏ قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء‏:‏ المشهور أنه بالموحدة وتصحف على الغزالي بالمثناة فأورده في ذم الرياء قال‏:‏ واقترانه بالشرك فيما قبله يدل على أنه بالمثناة‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن مسعود‏[‏روى البزار حديث ابن مسعود بلفظ الربا بضع وسبعون باباً والشرك مثل ذلك وهذه الزيادة قد يستدل بها على أنه الرياء بالمثناة لاقترانه مع الشرك‏]‏‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

4504 - ‏(‏الربا‏)‏ أي إثم الربا‏.‏ قال الطيبي‏:‏ لا بد من هذا التقدير ليطابق قوله أن ينكح ‏(‏ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم‏)‏ قال الطيبي‏:‏ إنما كان الربا أشد من الزنا لأن فاعله حاول محاربة الشارع بفعله بعقله قال تعالى ‏{‏فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله‏}‏ أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد وأما قبيح الزنا فظاهر عقلاً وشرعاً وله روادع وزواجر سوى الشرع فآكل الربا يهتك حرمة اللّه والزاني يخرق جلباب الحياء فريحه يهب حيناً ثم يسكن ولواؤه يخفق برهة ثم يقر‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وهذا على مذهب قولهم للباطل صولة ثم يضمحل والريح الضلالة عصفة ثم تخفت‏.‏

- ‏(‏ك عن ابن مسعود‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

4505 - ‏(‏الربا وإن كثر فإن عاقبته يصير إلى قل‏)‏ بالضم القلة كالذلة والذل أي أنه وإن كان زيادة في المال عاجلاً يؤول إلى نقص ومحق آجلاً بما يفتح على المرابي من المغارم والمهالك فهو مما يكون هباءاً منثوراً ‏{‏يمحق اللّه الربا‏}‏ قال الطيبي‏:‏ والكثرة والقلة صفتان للمال لا للربا فيجب أن يقدر مال الربا لأن مال الربا ربا‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في باب الربا ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح، وأقره الذهبي، ورواه عنه أيضاً البزار‏.‏

4506 - ‏(‏الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه‏)‏ أي استحقاره ‏[‏ص 51‏]‏ والترفع عليه والوقيعة فيه قال القاضي‏:‏ الاستطالة في عرضه أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قيل له وأكثر مما رخص له فيه ولذلك مثله بالربا وعدّه من عداده ثم فضله على جميع أفراده لأنه أكثر مضرة وأشد فساداً فإن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال وأعظم منه خطراً ولذلك أوجب الشارع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال‏.‏

- ‏(‏طس عن البراء‏)‏ بن عازب قال الهيثمي‏:‏ فيه عمر بن راشد وثقه العجلي وضعفه جمهور الأئمة وسبقه المنذري‏.‏

4507 - ‏(‏الربا سبعون حوباً‏)‏ بفتح الحاء وتضم أي ضرباً من الإثم فقوله الربا أي إثم الربا قال الطيبي‏:‏ ولا بد من هذا التقدير ليطابق قوله ‏(‏أيسرها أن ينكح الرجل أمه‏)‏ قال كعب الأحبار في بعض الصحف المنزلة‏:‏ إن اللّه تعالى يأذن بالقيام يوم القيامة للبر والفاجر إلا الآكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه أبو معشر واسمه نجيح مختلف فيه‏.‏

4508 - ‏(‏الربوة‏)‏ بتثليث الراء كما في الكشاف ‏(‏الرملة‏)‏ أي هي الرملة يعني قوله تعالى ‏{‏وآويناهما إلى ربوة‏}‏ وهي رملة بيت المقدس كذا شرحه الديلمي وقيل‏:‏ هي الأرض المرتفعة وقيل‏:‏ هي ايليا أرض بيت المقدس وقيل‏:‏ دمشق وغوطتها وقيل‏:‏ فلسطين وقيل‏:‏ مصر‏.‏

- ‏(‏ابن جرير‏)‏ الطبري ‏(‏وابن أبي حاتم‏)‏ عبد الرحمن ‏(‏وابن مردويه‏)‏ في التفسير ‏(‏عن مرة‏)‏ بضم الميم بن كعب وقيل كعب بن مرة السلمي ‏(‏البهزي‏)‏ وقيل‏:‏ هما اثنان نزلا الشام وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من هؤلاء مع أن الطبراني والديلمي خرجاه باللفظ المزبور‏.‏

4509 - ‏(‏الرجل جُبَار‏)‏ أي ما أصابت الدابة برجلها فهو جُبَار أي هدر لا يلزم صاحبها وبه أخذ الحنفية رمحت الدابة برجلها هدر وبيدها يضمنه راكبها‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الديات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً النسائي في العارية وبسط الدارقطني والبيهقي القول في تضعيفه‏[‏وفي مقدمة الإمام الشعراني لكتاب ‏"‏كشف الغمة‏"‏‏؟‏‏؟‏ ما نتيجته أن استدلال أي من أئمة المذاهب بالحديث هو توثيق له‏.‏ فلا يعارض أخذ الأحناف لهذا الحديث بتضعيف غيرهم له، إذ يكون تحكما‏.‏ دار الحديث‏]‏ قال الشافعي‏:‏ هذا اللفظ غلط‏.‏

4510 - ‏(‏الرجل الصالح يأتي بالخبر الصالح والرجل السوء يأتي بالخبر السوء‏)‏ الذي وقفت عليه في أصول صحيحة قديمة من الفردوس مصححة بخط ابن حجر عازياً لأبي نعيم يجيء بالخبر الصالح ويجيء بالخبر السوء بدل يأتي فلينظر‏.‏

- ‏(‏حل وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي‏.‏

4511 - ‏(‏الرجل أحق بصدر دابته‏)‏ أي مقدمها من غيره أي إلا أن يجعل ذلك لغيره كما صرح به في رواية ‏(‏وأحق بمجلسه‏)‏ كذلك ‏(‏إذا رجع‏)‏ أي إذا قام لحاجة ثم عاد إليه، وأخذ منه أن من جلس للمعاملة في شارع ولم يضيق لم يمنع ويختص الجالس بمكانه ومكان متاعه وآلته ولو قام ليعود فهو أحق بمكانه وأن من جلس في المسجد لتدريس وإفتاء وإقراء درس بين يدي مدرس كان كذلك‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رمز المصنف لصحته وليس بصواب فقد قال الهيثمي وغيره‏:‏ فيه إسماعيل بن رافع قال البخاري‏:‏ ثقة مقارب الحديث وضعفه جمهور الأئمة وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

‏[‏ص 52‏]‏ 4512 - ‏(‏الرجل أحق بصدر دابته وبصدر فراشه وأن يؤمّ في رحله‏)‏ وفي رواية في بيته وفيه أن صاحب المنزل وأهل البيت أو القبلة أحق بالإمامة من غيرهم وإن كان الغير أعلم وأفقه لكن بشرط أهلية الإمامة لا كالمردة بالنسبة للرجل‏.‏

- ‏(‏الدارمي‏)‏ وكذا البزار في مسنديهما ‏(‏هق عن عبد اللّه بن الحنظلية‏)‏ قال‏:‏ كنا في منزل قيس بن سعد ومعنا جماعة من الصحابة فقلنا‏:‏ تقدم فقال‏:‏ ما كنت لأفعل فقال ابن الحنظلية‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال البزار‏:‏ لا نعلم له طريقاً عن ابن الحنظلية إلا هذا الطريق ثم إن المصنف رمز لصحته وهو زلل فقد أعله الذهبي في المهذب مستدركاً على البيهقي بأن فيه إسحاق بن يحيى بن طلحة تركه أحمد وغيره وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي‏:‏ فيه ابن إسحاق بن يحيى وثقه ابن أبي شيبة وضعفه أحمد وابن معين والبخاري‏.‏

4513 - ‏(‏الرجل أحق بصدر دابته وصدر فراشه والصلاة في منزله‏)‏ الذي هو ساكنه بحق ولو بأجرة ‏(‏إلا‏)‏ أن يكون ‏(‏إماماً يجتمع الناس عليه‏)‏ فإنه إذا حضر يكون أحق من غيره مطلقاً فأفاد ذلك أن الساكن بحق مقدم على مولاه وإن كان عبداً والمالك أولى من المستعير وأن إمام المسجد أحق من غيره وأن الإمام الأعظم أحق من الكل ومثله نوابه الأعلى فالأعلى‏.‏

- ‏(‏طب عن فاطمة الزهراء‏)‏ سيدة نساء هذه الأمة قال الهيثمي‏:‏ فيه إسحاق بن يحيى بن طلحة ضعفه أحمد وابن معين والبخاري ووثقه ابن حبان وأعاده في محل آخر وقال‏:‏ فيه الحكم بن عبد اللّه الأيلي وهو متروك‏.‏

4514 - ‏(‏الرجل أحق بمجلسه‏)‏ الذي اعتاد الجلوس فيه لنحو صلاة أو إقراء أو إفتاء ولو جلس في المسجد لصلاة وقام بلا عذر بطل حقه أو لعذر كقضاء حاجة وتجديد وضوء وإجابة داع وعاد فهذا حق حتى يقضي صلاته أو مجلسه ‏(‏وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه‏)‏‏.‏

- ‏(‏ت عن وهب بن حذيفة‏)‏ ويقال حذيفة الغفاري صحابي من أهل الصفة وقال‏:‏ صحيح غريب‏.‏

4515 - ‏(‏الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها‏)‏ يعني يعوض عنها، ويعارضه الخبر المتفق عليه العائد في هبته كالعائد في قيئه ومذهب الشافعي أنه لو وهب ولم يذكر ثواباً لم يرجع وإن وهب لمن دونه أو أعلى وقال مالك‏:‏ إن وهب للأعلى وجب الثواب‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال الذهبي‏:‏ فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعفوه وقال البخاري‏:‏ كثير الوهم‏.‏

4516 - ‏(‏الرجل على دين خليله‏)‏ أي صاحبه ‏(‏فلينظر أحدكم من يخالل‏)‏ أي فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى امرئ يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه‏.‏

- ‏(‏د ت عن أبي هريرة‏)‏ وحسنه الترمذي وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال النووي في رياضه‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

4517 - ‏(‏الرجم كفارة لما صنعت‏)‏ سببه أنه أمر برجم امرأة فرجمت فجيء إليه فقيل‏:‏ قد رجمنا هذه الخبيثة فذكره، بيَّن ‏[‏ص 53‏]‏ بذلك أن الحدود كفارة لأهلها فإذا أقيم الحد على إنسان في الدنيا سقط عنه ولا يعاقب عليه في الآخرة بالنسبة لحق اللّه تعالى‏.‏

- ‏(‏ن والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن الشريد سويد‏)‏ مصغراً ورواه عنه أيضاً الديلمي‏.‏

4518 - ‏(‏الرحم‏)‏ أي القرابة ‏(‏شجنة‏)‏ بالحركات الثلاث للشين المعجمة وسكون الجيم قرابة مشتبكة متداخلة كاشتباك العروق ‏(‏معلقة بالعرش‏)‏ الرحم التي توصل وتقطع من المعاني فذكر تعلقها بالعرش استعارة وإشارة إلى عظم شأنها قال العلائي‏:‏ ولا استحالة في تجسدها بحيث تعقل وتنطق‏.‏

- ‏(‏حم طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ ورجاله ثقات اهـ‏.‏ ومن ثم رمز المصنف لصحته‏.‏

4519 - ‏(‏الرحم معلقة بالعرش‏)‏ أي مستمسكة آخذة بقائمة من قوائمه ‏(‏تقول من وصلني وصله اللّه ومن قطعني قطعه اللّه‏)‏ أي قطع عنه كمال عنايته وذا يحتمل الإخبار والدعاء قال القرطبي‏:‏ الرحم التي توصل عامة وخاصة فالعامة رحم الدين ويجب مواصلتها بالود والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحق الواجب والمندوب والخاصة تزيد بالنفقة على القريب وتفقد حاله والتغافل عن زلته وتتقاوت مراتب استحقاقهم في ذلك ويقدم الأقرب فالأقرب وقال ابن أبي جمرة‏:‏ صلة الرحم بالمال وبالعون على الحوائج ودفع الضرر وطلاقة الوجه والدعاء والمعنى الجامع إيصاله ما أمكن من خير ودفع ما أمكن من شر بقدر الطاقة وهذا كله إذا كان أهل لرحم أهل استقامة فإن كانوا كفاراً أو فجاراً فمقاطعتهم في اللّه صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم وإعلامهم بأن إصرارهم سبب مقاطعتهم وحينئذ تكون صلتهم الدعاء لهم بظهر الغيب بالاستقامة وقال الذهبي‏:‏ يدخل فيه من قطعهم بالجفاء والإهمال والحمق ومن وصلهم بماله ووده وبشاشته وزيارته فهو واصل ومن فعل بعض ذلك وترك بعضاً ففيه قسط من الصلة والقطيعة والناس في ذلك متفاوتون وقد يعرض الشخص عن رحمه لفسقهم وعتوهم وعنادهم‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الأدب ‏(‏عن عائشة‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو فيه متابع للطبري حيث عزاه مسلم خاصة، قال المناوي‏:‏ وليس بصحيح فقد ذكره الحميدي وغيره فيما اتفق عليه الشيخان‏.‏

4520 - ‏(‏الرحم شجنة من الرحمن‏)‏ أي اشتق اسمها من اسم الرحمن كما بينه الخبر القدسي أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فكأنها مشتبكة به اشتباك العروق أو هي اسم اشتق من رحمة الرحمن أو أثر من آثار رحمته فقاطعها منقطع عن رحمة اللّه ‏(‏قال اللّه من وصلك‏)‏ بالكسر خطاباً للرحم ‏(‏وصلته‏)‏ أي رحمه ‏(‏ومن قطعك قطعته‏)‏ أي أعرضت عنه لإعراضه عما أمر به من شدة اعتنائه برحمه وهذا تحذير شديد من قطعها والمراد بها القرابة من الأبوين وإن بعدت ولم تكن محرماً‏.‏

قال القونوي‏:‏ الرحم اسم خفيفة الطبيعة والطبيعة عبارة عن حقيقة جامعة بين الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة بمعنى أنها عين كل واحدة من الأربعة بغير مضادة وليس كل واحد من الأربعة من كل وجه عينها بل من بعض الوجوه وأما إنها معلقة بالعرش فلأن جميع الأجسام الموجودة عند المحققين طبيعية والعرش أولها وأما إنها شجنة من الرحمن فلأن الرحمة نفس الوجود لأنها التي وسعت كل شيء فإنه وسع كل شيء حتى المسمى بالعدم فإن له من حيث تعينه في التعقل والحكم عليه بأنه في مقابلة الوجود المحقق ضرباً من الوجود ثم إن الرحمة لما كانت اسماً للوجود كالرحمن اسم للحق وأما كونها شجنة من الرحمن فلأن الموجودات تنقسم إلى ظاهر وباطن فالأجسام صور ظاهر الوجود والأرواح ‏[‏ص 54‏]‏ المعاني تعينات باطن الوجود والعرش مقام الانقسام وأما استعاذتها من القطيعة فلأن شعورها بالتحيز الذي عرض لها من عالم الأرواح وخص النفس الرحمني الذي هو مقام القرب التام الرباني فتألمت من حالة البعد بعد القرب وخافت من انقطاع الإمداد الرباني بسبب الفصل الذي شعرت به فنبهها الحق في عين إجابته لدعائها على استمرار الإمداد ودوام الوصلة من حيث المعية والحيطة الإلهيتين فسرت بذلك واطمأنت واستبشرت بإجابة الحق لها في عين ما سألت وصلتها بمعرفة مكانتها وتفخيم قدرها وقطعها بازدرائها والجهل بمكانها وبخسها حقها فمن ازدراها أو بخسها فقد بخس حق اللّه وجهل ما أودع فيها من خواص الأسماء ولولا عليّ مكانتها عنده تعالى لم يخبرها حال الإجابة بقوله من وصلك إلخ من جملة الازدراء والقطع ذمّ متأخري الحكماء لها ووصفها بالظلمة والكدورة وطلب الخلاص من أحكامها والانسلاخ من صفاتها فلو علموا أن ذلك متعذر وأن كل كما يحصل للإنسان بعد مفارقة النشأة الطبيعية فهو من نتائج مصاحبة الروح للمزاج الطبيعي وثمراته وأن الإنسان بعد المفارقة إنما تنتقل من صور الطبيعة إلى العوالم التي هي مظاهر لطائفها وفي تلك العوالم تتأتى لعموم السعداء رؤية لحق الموعود بها والمخبر عنها أنها أعظم نعم اللّه على أهل الجنة فحقيقة تتوقف مشاهدة الحق عليه كيف يجوز أن تزدري وأما حال الخصوص من أهل اللّه فإنهم وإن فازوا بشهود الحق ومعرفته هنا فإنه إنما تيسر لهم ذلك بمعونة هذه النشأة الطبيعية حتى التجلي الذاتي الذي لا حجاب بعده فإنه باتفاق الكمل من لم يحصل له ذلك في هذه النشأة الطبيعية لا تحصل له بعد المفارقة‏.‏

- ‏(‏خ‏)‏ في الأدب ‏(‏عن أبي هريرة وعن عائشة‏)‏‏.‏